ذات صباح كان الطبيب قد بدأ عمله بالمستشفى، وإذا بشيخ كبير – في الثمانين من عمره – يدخل عليه بعد أن جاء دوره، ويطلب منه إزالة بعض الغرز من جرح قد أصابه وتمت خياطته سلفاً.
اهتم الطبيب بهذا الشيخ الكبير، وقدّره ووقّره، وتبسّم في وجهه، وأجلسه على كرسي، ثم بدأ في إزالة الغرز، وهو يتحدث معه، ويسرّي عنه.
سأل الطبيب الشيخ الكبير: أراك على عجلة من أمرك؛ فهل تأخرت عن العمل أو قضاء مصلحة؟
فأجاب الرجل: لا يا بني، ولكني متعجل كي أتناول الإفطار مع زوجتي.
فسأله الطبيب: وهل ستقلق زوجتك إذا تأخرّت عن موعدك معها قليلاً؟
فأجاب الشيخ الكبير: إنها لم تعد تعرف من أنا؟ إنها لم تستطع التعرف عليّ منذ خمس سنوات!! بسبب مرض "الزهايمر" الذي أصابها!!
قال الطبيب: ومازلت تحرص على أن تشاركها الطعام برغم أنها لا تعرف من أنت؟!!
تبسم الرجل وهو يضغط برفق على يد الطبيب ويقول، هي لا تعرف من أنا، ولكني أعرف من هي!!
يقول الطبيب: حاولت جاهداً أن أخفي دموعي إلى أن يغادر الشيخ غرفتي، وقلت في نفسي: الحمد لله الذي لم يتوفني حتى أرى هؤلاء الأوفياء على هذا المستوى من الوفاء.