الجزائر علمتنا بأن الحياة مواقف، والحياة علمتنا بأن ليس كل ما يقال
أو يكتب حقيقة ، وليس كل الحقيقة تقال أيضا ، وبأن هناك حقائق لم يحن
وقتها لكي تقال وتنشر ، وأخرى لن تقال أبدا وستدفن معنا لأن المصلحة
العليا تقتضي ذلك ، أما الحقائق الأخرى فيجب أن تقال في وقتها أو ليصمت
صاحبها .
أعرف مثل غيري بأن في حياتنا وتاريخنا هناك الكثير من الحقائق لم تقال،
وهناك الكثير من الأكاذيب قيلت في حق الوطن والرجال، وفي الرياضة وكرة
القدم خاصة أعلم أيضا مثل غيري بأن الكثير من الحقائق لم تقال، والبعض مما
قيل ليس حقيقة منذ فريق جبهة التحرير إلى اليوم ..
يحضرني هذا الكلام عندما أسمع وأقرأ من حين لأخر تصريحات بعض اللاعبين
والمدربين والمسيرين الذين يكشفون حقائق لا تقال ، ويقولون أشياء بعيدة عن
الحقيقة من أجل الإساءة إلى الغير والظهور بمظهر الأبطال أو المظلومين ،
ويسيئون اختيار الظرف اللازم لكشف المستور .
تجدهم يتحدثون في كل شيء دون تحفظ، ويخوضون في كل الأمور دون وعي بقيمة
الكلمة والمعلومة، وتجدهم يتحولون من مخطئين إلى أبطال ومظلومين، وكل من
حولهم ومن تعامل معهم لا يساوون شيئا، ويعطون لأنفسهم الحق في الحكم على
الغير وتقيمهم .
صحيح أن الحق عليه نور، والجمهور من حقه معرفة الحقيقة بحلوها ومرها
لنستفيد ونستخلص الدروس منها ، ولكن ليس بالكذب والافتراء وتشويه الحقائق
، وليس بالمساس بكرامة وسمعة الغير، وليس في هذا الظرف الذي نحشد فيه
أبناءنا ونجندهم حول مشروعنا الرياضي والكروي الذي يثمن الجهد ويقدر
الرجال ويبعث فينا التفاؤل بالمستقبل .
لا أريد الخوض في تفاصيل تصريحات هشام مزاير الذي أتصور بأنه نادم على بعض
ما قاله لأنه سيدفع ثمنه من دون شك ، ولكنني لم أكن أتمنى من هشام أن يسيء
إلى رئيس نادي في مقام والده ، ورئيس اتحاد ستره في محنته ، ويسيء إلى
مدرب وطني وبعض رفقائه السابقين ، ولا أتمنى لواحد من أحسن حراس المرمى في
الجزائر أن ينهي مشواره بهذه الكيفية وهو الذي كان بإمكانه أن يكون حارسنا
في المونديال المقبل لو عرف كيف يستغل الفرص التي أتيحت له في حياته
الكروية .
إن التحلي بروح المسؤولية ليست مفروضة فقط على المسئول في موقعه ، بل هي
أمانة ومسئولية يلتزم بها الرئيس والمدرب واللاعب والمناصر والصحافي .
كلهم يجب أن يدركوا بأن الصمت عند الضرورة هو أعظم فنون الكلام، وبأن بعض
الحقائق لا تقال مهما طال الزمن، وحقائق أخرى يجب أن تقال في وقتها .
ما رأيكم لو بدأ كل واحد منا يروي ويحكي ما يعرفه وما عايشه منذ فريق جبهة
التحرير إلى مونديال 82 و86 مرورا بكل المشاركات الجزائرية في المنافسات
القارية والجهوية والدولية ، ونبدأ في سرد الوقائع والمشاكل التي حدثت في
كل المحطات وكم هي كثيرة على غرار كل المجالات .
ما ذنب وما شأن جيل اليوم حتى نقحمه في كل ماحدث من أخطاء ومغالطات عبر
التاريخ ، ومن هو هذا الذي يتجرأ ويواجهنا بالقول بأنه لم يخطئ في حياته ،
وبأنه ملاك منزل من السماء ، وبأنه صاحب الفضل لوحده في أي انجاز أو تتويج
رياضي ، ولماذا نتفنن في الإساءة إلى بعضنا البعض والى كل ما هو جميل ،
ومتى نتخلص من أنانيتنا القاتلة .
ولأننا نعرف بعض الحقائق في هذا الوطن دعونا نموت وقولوا بعدنا ما شئتم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]